العميد برس:
تختلف شدة التأثيرات ما بين اقتصادات الدول ،بعضها كان للأحداث العاصفة بالعالم تأثير حاد ، فيما كانت متوسطة على دول اخرى ،ولكن كانت شديدة على اقتصادات دول تعتمد على استيرادات اساسيات شعوبها من الخارج .. كثرت الخطط لمواجهة تلك الأسباب وتنوعت طروحاتها وبرامج الحكومات ،منها ما أتى بنتائج مقبولة ، بينما بعض زادت أزمات تأمين السلع الأساسية لشعوبها وهنا …ماذا عليها أن تفعل .. طروحات المهتمين والمتابعين ذهبت إلى رسم سيناريوهات مختلفة انصب جلها على ان الدول يجب أن تعطى أولوية لحماية الفئات الضعيفة عن طريق الدعم الموجه، مع الحفاظ على موقف التشديد المالي للمساعدة على مكافحة التضخم، وتواجه الحكومات مفاضلات صعبة وسط ارتفاعات حادة في أسعار الغذاء والوقود. وعلى صناع السياسات حماية الأسر منخفضة الدخل من الخسائر الكبيرة في دخلها الحقيقي، وضمان حصولها على الغذاء والطاقة وهذا ماتعمل وفقه حكومات الدول النامية. غير أن عليها أيضا الحد من مواطن الضعف الناشئة عن برامجها حيال ارتباطاتها ، مع الحفاظ على موقف التشديد المالي في مواجهة التضخم المرتفع، حتى لا تعمل السياسة المالية العامة على نحو متعارض مع أهداف السياسة النقدية. وقد ارتفعت أسعار الغذاء بمقدار النصف منذ 2019 واستمرت معاناة أسواق الغذاء والوقود من الانقطاعات في الإمدادات. ويهدد ارتفاع الأسعار مستويات معيشة الناس في كل مكان، ما يدعو الحكومات إلى استحداث تدابير مالية متنوعة، بما في ذلك دعم الأسعار، والتخفيضات الضريبية، والتحويلات النقدية. وتشير التقديرات إلى أن التكلفة الوسيطة التي تتحملها المالية العامة لتنفيذ هذه التدابير بنسب مختلفة من إجمالي الناتج القومي المحلي حسب مؤشرات كل دولة، إضافة إلى الدعم القائم من الأصل، في الدول التي توفرت تقديرات بشأنها.
وتواجه معظم الحكومات مزيدا من الضغوط على المالية العامة المثقلة بالفعل جراء كورونا وماتركته.. فقد أدى تصاعد التضخم، وتراجع أسعار العملات، وتزايد أسعار الفائدة إلى قفزة في فروق العائد في كثير من الدول وارتفاع مصروفات الفائدة في الفترة المقبلة.
ومن المتوقع أن يظل الدين العام العالمي مرتفعا عند مستوى 91 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2022 ـ بعد تراجعه عن المستوى المرتفع التاريخي الذي سجله في 2020، وأعلى من مستوياته قبل الجائحة بنحو 7،5 نقطة مئوية. والدول منخفضة الدخل معرضة لمخاطر المديونية خصوصا، فنحو 60 في المائة من أفقر الاقتصادات إما بلغت مستوى المديونية الحرجة وإما أصبحت معرضة بشكل كبير لبلوغه وفي أحدث إصدار من تقرير الراصد المالي، تمت دراسات كيف يمكن لصناع السياسات التعامل مع هذه المفاضلات، بما يساعد الناس على التعافي من الأزمة الحالية ومواكبة تحديات المستقبل بصورة أفضل.
وبشأن استجابة الغذاء والطاقة فإنه وبإزاء مستويات الدين المرتفعة وتصاعد تكاليف الاقتراض، ينبغي لصناع السياسات إعطاء أولوية للدعم الموجه لأكثر الفئات ضعفا من خلال شبكات الأمان الاجتماعي. وفي بعض الدول، قد يستتبع ذلك تقديم خصومات للأسر ذات الدخل المتوسط إلى المنخفض على فواتير المرافق “لأغراض الاستخدام الأساسي”.وفي دول اخرى لا مناص امامها سوى التشدد في مسائل الهدر وترشيده وسد كل منافذ الفساد ، والتوجه نحو تكثيف حلقات الانتاج والتصنيع ولو سلكت خيار خفض الضرائب ومزيد من التسهيلات امام حركة الاستثمار ، وبهذا الخيار الانتاجي الاستثماري ترى انها أقرب من خيارات طريق تلمس النجاة وتخفيف أعباء فاتورة التوريد المرهقة لكل مقومات نمو الاقتصادات .. المؤشرات الاقتصادية كلها تؤكد سيطرة عبء الاضخم لفترات ربما تطول وتتوقع ان يبقى مسيطرا طيلة العام المقبل .. رهان صعب امام حكومات العالم وصعب جدا ومكلف على حكومات الدول النامية ونحن لسنا بمنأى عن التبعات الصعبة .. !