الجنيه المصري يهوي لمستويات قياسية بعد الانتقال لنظام صرف أكثر مرونة
فقد الجنيه المصري أكثر من 13 في المائة من قيمته وهوى إلى مستويات قياسية جديدة عند نحو 32 جنيها مقابل الدولار اليوم، مع انتقال البنك المركزي إلى نظام صرف أكثر مرونة بموجب شروط حزمة دعم مالي من صندوق النقد الدولي، بحسب “رويترز”.
وأثار انخفاض الجنيه تكهنات بشأن حجم التراجع الذي قد تصل إليه العملة في نهاية المطاف، حيث يأمل بعض المحللين على الأقل في عودة بعض المستثمرين الأجانب إلى السوق المصرية ومعاودة المصريين العاملين بالخارج إرسال مزيد من مدخراتهم إلى الوطن.
ولجأت مصر إلى صندوق النقد الدولي طلبا للمساعدة بعد أن أدت الحرب الروسية في أوكرانيا إلى ارتفاع فواتير واردات القمح والنفط بينما وجهت ضربة للسياحة، وهي مصدر رئيس للعملة الصعبة، من اثنين من أكبر أسواقها، أوكرانيا وروسيا.
وأظهرت بيانات رفينيتيف تراجع الجنيه إلى أدنى مستوى له عند 32.14 للدولار من نحو 27.60 عند بدء التداول اليوم. وبلغت النسبة الإجمالية لانخفاض الجنيه 51 في المائة مقابل الدولار منذ مارس، مع حدوث انخفاضات حادة في أيام منفردة تليها حركة أكثر مرونة منذ الأسبوع الماضي.
واسترد بعضا مما فقده في وقت لاحق ووصل لنحو 29.60 مقابل الدولار.
وقالت مصر إنها ستتحول إلى سعر صرف “مرن بشكل دائم” عندما توصلت إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة دعم مالي بقيمة ثلاثة مليارات دولار في أكتوبر.
وفي تقرير مُقدم إلى صندوق النقد الدولي نشره الصندوق أمس، قالت الحكومة إن البنك المركزي قد يتدخل أحيانا في أوقات التقلب المفرط في أسعار الصرف، لكن دون اللجوء لاستخدام الأصول الأجنبية الصافية للبنوك بقصد تثبيت أو ضمان مستوى سعر الصرف.
وقال بعض المحللين إن من المؤشرات الرئيسة التي يجب البحث عنها مدى لجوء المستثمرين والأسر لاستخدام الدولار في شراء الجنيه المصري بمعدلاته المنخفضة الحالية، في إشارة إلى أنهم يعتقدون أن هبوط العملة ربما يكون قد وصل إلى أقصى حد.
وقال فاروق سوسة من بنك جولدمان ساكس “عندما يبدأ مستثمرو المحافظ في العودة، هذه هي اللحظة التي يكون فيها السوق قد أصدر حكمه (فيما يتعلق بحدوث) التوازن. لكن لا توجد طريقة مباشرة لمراقبة التوازن”.
وبالمثل، سينخفض الطلب المحلي على الدولار بشكل كبير مع ارتفاع أسعار الواردات بالجنيه المصري.
وقالت مونيكا مالك، الخبيرة الاقتصادية في بنك أبوظبي التجاري، إنها لا تزال ترى المزيد من المخاطر على العملة بعد التراجع الأخير.
وأضافت “قد لا يكون هذا بحد ذاته كافيا لإعادة رأس المال الخاص إلى أن تظهر دلائل على تراجع التكدس المتراكم على طلب العملات الأجنبية، الأمر الذي يتطلب سيولة جديدة بالدولار الأمريكي. لا يوجد حاليا إمكانية لرؤية من أين ستأتي هذه السيولة”.
وبلغت قيمة الجنيه المصري غير القابل للتسليم، الذي يستخدمه المصرفيون والمستثمرون لتسعير التحركات المحتملة للعملة على مدى يتراوح بين 3 و12 شهرا مقبلة، بين 32.64 و35.4 جنيها للدولار، ما يشير إلى توقع مزيد من الضعف.
وكانت البلاد تئن بالفعل تحت وطأة ضغوط مالية قبل أن تعصف الحرب في أوكرانيا بعائدات السياحة وترفع تكلفة استيراد السلع الأولية وتدفع المستثمرين الأجانب إلى سحب أكثر من 20 مليار دولار من الاقتصاد.
وأظهرت بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أمس أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية ارتفع في ديسمبر إلى 21.3 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ أواخر 2017، متجاوزا توقعات المحللين.