رهانات على تخطي النفط 100 دولار .. نقص الاستثمار في الإنتاج يحد من نمو العرض
تتطلع السوق النفطية إلى تعافي الصين الكامل من قيود جائحة كورونا وإنهاء سياسات صفر كوفيد، ما يوفر دعما قويا للطلب في السوق، بينما يراهن خبراء في الصناعة على أن أسعار النفط الخام قد تتجاوز 100 دولار للبرميل عندما يعاد فتح الاقتصاد الصيني كاملا بعد سلسلة من القيود الصارمة والمؤلمة المتعلقة بمكافحة الوباء.
في المقابل، ما زالت السوق تتوجس من مخاوف التباطؤ الاقتصادي بعد سلسلة من رفع أسعار الفائدة من قبل المركزي الأمريكي وعدة بنوك حول العالم، ما يهدد بعودة سيناريو النفط الأرخص.
ويقول لـ”الاقتصادية”، محللون نفطيون إن العرض ما زال شحيحا على الرغم من إعادة توجيه التدفقات الروسية إلى آسيا، ولا سيما الصين والهند، حيث إن نقص الاستثمار في الإنتاج الجديد يحد من نمو العرض.
وتزايدت التوقعات أن يكون الوضع الوبائي في الصين والركود المحتمل هما المحركان لسوق النفط في العام المقبل، ولا سيما وأن الركود بات أمرا مؤكدا مع وجود كثير من علامات التحذير مثل رفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة لأنها “تشدد” سياستها النقدية في جهودها لكبح جماح التضخم.
وذكر المحللون أن تعافي الطلب إلى حد كبير حدث في أعقاب تراجع مخاطر الجائحة، ولكن حدثت خسائر كبيرة في طاقة التكرير، ولا سيما في أوروبا، موضحين أن عقوبات الغرب ضد الإمدادات الروسية الموجه لدول الاتحاد من المحتمل أن تعزز الأسواق بكميات إضافية من الشرق الأوسط وآسيا والولايات المتحدة.
وفي هذا الإطار، يقول الدكتور فيليب ديبيش، رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة إن السوق النفطية تستمر في حالة عدم اليقين وقد تتأثر أسعار النفط في العام المقبل بشكل أساسي من رد روسيا على سقف أسعار النفط الذي فرضته مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي على شحنات الخام الروسي منذ 5 ديسمبر الجاري.
وأوضح أن البيانات الدولية الراهنة تشير إلى أنه يتم تداول النفط الروسي دون الحد الأقصى لذلك لم تتعطل الصادرات بأي طريقة ملموسة، كما أنه لا يمكن التخلي عن الإمدادات من المنتجين التقليديين مهما تسارعت برامج تحول الطاقة لأن الاقتصادات النامية تحتاج إلى إمداد متزايد من الطاقة التقليدية لمواكبة النمو السكاني.
أما جوران جيراس، مساعد مدير بنك “زد إيه إف” في كرواتيا أوضح أن القلق يسود حاليا في أسواق الطاقة بسبب التضخم المصحوب بركود اقتصادي والذي يحد بالفعل من فرص نمو الطلب، وأن بعض القادة في الاقتصادات الغربية ليسوا على دراية بمدى اعتماد اقتصاد اليوم على النفط.
ومن ناحيته، يقول أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة إن تجار النفط دخلوا في صفقات بيع واسعة للأسبوع الخامس على التوالي ولكن وتيرة البيع تباطأت مع عودة الثقة وتقلص المخاطر والتحول إلى الاتجاه الصعودي في الأسعار، لافتا إلى بيع صناديق التحوط ومديري الأموال الآخرين ما يعادل 15 مليون برميل في العقود الآجلة على مدار الأسبوع الماضي.
وتوقع أن يؤدي فقدان الديزل الروسي من مجمع الإمداد الأوروبي مع دخول العقوبات على المنتجات النفطية حيز التنفيذ في فبراير المقبل إلى خنق إمدادات الديزل ووقود الطائرات في أوروبا، حيث تعطي المصافي الأولوية لوقود الطرق على خلفية التدفقات التجارية المتطورة ومع تزايد الطلب الصيني وفي ظل مخاوف مستمرة بشأن تأثير الركود على الطلب.
وتضيف، مواهي كواسي، العضو المنتدب لشركة “أجركرافت” الدولية أن السوق النفطية تتطلع إلى التعافي مع انحسار مخاوف الجائحة في الصين، كما ترى وكالة الطاقة الدولية أنه من المحتمل أن تكون معظم الاضطرابات الشديدة في الأسعار قد حدثت بالفعل ومع ذلك هناك عدد من الاضطرابات الأخرى، التي قد تواجه السوق في المرحلة المقبلة وتشمل هذه إعادة توجيه التدفقات النفطية من روسيا إلى أسواق آسيا، وإحلال تدفقات من موردين آخرين غير الروس إلى أوروبا، حيث تتطلع الشركات إلى الامتثال لقرار حظر واردات المنتجات النفطية الروسية بدءا من 5 فبراير المقبل.
وعدت أن تخفيف السياسات الصينية الخاصة بعدم انتشار فيروس كورونا سيؤدي إلى الارتفاع في الطلب وبدء تشغيل مصافي جديدة هناك لافتة إلى توقع الوكالة نموا في شهية الشراء لجميع المنتجات النفطية في العام الجديد، حيث يرتفع الطلب على البنزين وعلى وقود الطائرات بنسب تتجاوز 10 في المائة.
ومن ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، تراجع سعر برميل النفط عالميا خلال تعاملات أمس، وسط مخاوف من تراجع الطلب. وعوض سحب أكبر من المتوقع في مخزونات النفط الأمريكية المخاوف بشأن ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا في الصين، أكبر مستورد للنفط، تراجعت أسعار العقود الآجلة لخام برنت القياسي- تسليم شهر فبراير 2023- بنحو 0.49 في المائة، إلى 79.60 دولار للبرميل، بينما انخفض سعر العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأمريكي- تسليم فبراير 2023- بنسبة 0.54 في المائة، إلى 75.82 دولار للبرميل.
وكانت أسعار النفط الخام قد أنهت تعاملاتها الثلاثاء 20 كانون الأول (ديسمبر)، على ارتفاع، مع تراجع الدولار، وتراجعت مخزونات النفط الأمريكية بنحو 3.1 مليون برميل بالأسبوع المنتهي في 16 ديسمبر، وفقا لمصادر السوق نقلا عن بيانات من معهد النفط الأمريكي.
وتزايدت المخاوف بشأن زيادة حالات كورونا في الصين، إذ بدأت البلاد في تخفيف سياستها الصارمة الخاصة بمواجهة كوفيد – 19، ما منع سعر برميل النفط عالميا من الارتفاع.
ومن جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 78.13 دولار للبرميل الثلاثاء مقابل 78.11 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق أول ارتفاع عقب عدة تراجعات على التوالي وأن السلة خسرت بضعة سنتات، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 78.34 دولار للبرميل.