تحليلات

رقص ” العجوز ” على أنغام سمفونية امريكا سيدخلها في أتون أخطار تهدد وجودها ..! تصعيد اوروبا للعقوبات خسارة للاستقلال الاستراتيجي

العميد برس:

تتزايد مشاكل قضايا الطاقة في أوروبا بشكل كبير، حيث كشف التخريب الأخير لخط أنابيب نورد ستريم عن مدى هشاشة أمن البنية التحتية للطاقة الأوروبية. فعلى الرغم من تفاقم حدة أزمة الطاقة ، لا تزال أوروبا تتبع نهج واشنطن المتشدد ضد روسيا ، متجاهلة التأثير المحتمل لمثل هذه السياسة وارتدادتها عليها. وفي هذا السياق ورداً على نتائج استفتاء انضمام جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك ومقاطعتي زابوروجيا وخيرسون إلى روسيا زعمت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي يقترح الجولة الثامنة من العقوبات ضد روسيا ، بما في ذلك رفع سقف أسعار النفط الروسي، مما يعرض أمل أوروبا في حل مشاكل الطاقة الحالية للخطر، وزيادة مأساتها الكبرى التي تكمن في ازدياد اعتمادها على واشنطن لدرجة أنه يتعين عليها أن ترقص على نغمة الولايات المتحدة فيما يتعلق بسياستها الروسية.
لقد صعدت دول الاتحاد الأوروبي من عقوباتها ضد روسيا بشكل تدريجي، لكن في نهاية المطاف سيكون الاتحاد الأوروبي المتضرر الأكبر جراء انتهاجه لتلك السياسة، وستكون الولايات المتحدة المستفيد الأكبر.فقد أصيب استقلال أوروبا الاستراتيجي وسيطرتها على اقتصادها بسبب الحرب الروسية الأوكرانية والتلاعب الأمريكي بها بالشلل إلى حد كبير، الأمر الذي أدى إلى ظهور نوع من اللاعقلانية. وذلك لأن قرارات العقوبات الجائرة التي يتخذها مسؤولو الاتحاد الأوروبي تلحق الضرر بأوروبا نفسها ، وتجلى ذلك من خلال مغادرة بعض الأشخاص والشركات القارة نتيجة الأزمات المتفاقمة.
عندما بدأت العملية العسكرية في أوكرانيا ، اعتقد العديد من الأوروبيين بالإضافة إلى الأمريكيين أنهم ضد الروس، لكن الواقع أثبت أنهم مخطئين، فأوروبا هي أيضاً بيدق على رقعة الشطرنج الأمريكية . ولذلك يجب على حلفاء وشركاء الولايات المتحدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ التفكير بما يجري في أوروبا ، ومن هو المستفيد الفعلي من اتباع الولايات المتحدة بشكل أعمى لتعزيز هيمنتها في العالم ؟ كما تحتاج هذه البلدان أيضاً إلى أن ترى أنه بينما ينغمس الاقتصاد الأوروبي في ركود أعمق ، تستمر واشنطن باستنزافه لجني الكثير من المكاسب نتيجة الكوارث التي تعاني منها أوروبا.
لاحظت العديد من وسائل الإعلام الغربية هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة. فبسبب عوامل مثل الارتفاع الصاروخي في أسعار الغاز والصراع الروسي الأوكراني المستمر ، تغادر العديد من الشركات الأوروبية من أوروبا وتنقل أعمالها وتعاملاتها التجارية إلى الولايات المتحدة. ويشمل ذلك الشركات المنتجة للحديد والأسمدة التي تعتمد بشكل كبير على الطاقة . وفي هذا الخصوص نقل تقرير لصحيفة” وول ستريت جورنال “تحذير بعض الاقتصاديين من احتمال وجود حقبة جديدة من تراجع التصنيع في أوروبا. كما أشارت مجلة”موديرن دبلوماسي” الأوروبية إلى أن الأوروبيين سيعانون كثيراً نتيجة هروب ثروة القارة ، إلى الولايات المتحدة بشكل أساسي.
إن أكبر مشكلة تواجه أوروبا حالياً هي فقدان اليقين، فالقارة بأكملها هي الآن في خطر كبير نتيجة احتمال تصاعد حدة الصراع العسكري الروسي الأوكراني الذي لن يتسبب في اضطرابات جيوسياسية فحسب ، بل والأهم من ذلك أنه سيضعف أو حتى يفرغ من قدرة الاقتصاد الأوروبي على الازدهار. لقد كانت الولايات المتحدة مستفيداً كبيراً من الأزمة الحالية في أوروبا من جميع الجوانب تقريباً. فمن الناحية الاقتصادية ، يتحول العديد من المصنّعين الأوروبيين إلى الولايات المتحدة . وكلما زاد الوضع فوضوية، كلما زاد عدد تجار السلاح الأمريكيين الذين سيجنون الثروات نتيجة ذلك. في الوقت نفسه ، تدخلت الولايات المتحدة في الصراع بين روسيا وأوكرانيا من خلال الناتو ، مما عزز اعتماد أوروبا على الولايات المتحدة من أجل أمنها، وأضعف الاستقلال الاستراتيجي لأوروبا.
وفي مواجهة لمزايا ونقاط قوة الولايات المتحدة ، وجدت أوروبا نفسها في موقف ضعيف بتحريض من واشنطن ، ما جعل الاتحاد الأوروبي يتعامل مع ما يسمى بالتهديد الروسي والآثار غير المباشرة المحتملة للصراع الروسي الأوكراني هدفه الأساسي ، حتى لو كان ذلك يعني أنه يتعين عليه التخلي عن عدد كبير من مصالحه الاقتصادية. إضافة إلى ذلك ، ليس لدى أوروبا الكثير من الموارد لتكريسها لبناء قدراتها الدفاعية الآن ، لذا يتعين عليها الاعتماد أكثر على الناتو.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى