بفضل نهج إيلون ماسك العشوائي إلى حد ما تجاه حرية التعبير وعلاقات الموظفين والاشتراكات والمحاكاة الساخرة والمعلومات المضللة، لجأ كثير من الناس إلى منصة تويتر للإعلان عن مغادرتهم المنصة. لكن سيواجهون صعوبة في ذلك.
ليس لأن تويتر يسبب الإدمان، فهو ليس كذلك لمعظم الناس. بل لأن تويتر يمنحهم شيئا لا يمكنهم الحصول عليه في أي مكان آخر، مجموعة اتصالات مع مستخدمين آخرين والقدرة على أن تصلهم ويصلوا إليك. إذا كان بإمكانك الذهاب إلى متجر واحد فقط، فلن تصفه بأنه “إدمان”. ستصفه بأنه احتكار محلي.
مثل كثيرين، غادرت إلى مكان جديد، “ماستودون” (يمكن أن تجدني على خادم “إيكون تويتر” في شبكة “ماستودون”). لكني متأكد من أني ساستمر في التغريد، لأن لدي ما يقارب 200 ألف شخص يتابعونني على تويتر. إنه مصدر إزعاج. سيكون إحضارهم جميعا معي إلى “ماستودون” أمرا رائعا جدا. إنه فشل ذريع كوني لا أستطيع.
لفهم هذا أكثر، تخيل أني قررت تغيير مزود خدمة هاتفي المحمول. بعد معاملات ورقية قليلة، يمكنني الانتقال إلى شبكة مختلفة. أصدقائي لن يعرفوا حتى أني انتقلت. بوسعي الاستمرار بالهاتف نفسه والرقم نفسه.
حتى إن لم يكن ذلك صحيحا، فإن هاتفي المحمول يتفوق كثيرا بالفعل على تويتر من ناحية أخرى، أستطيع الاتصال بالذين تتصل هواتفهم بشبكات مختلفة. سلس تماما. ربما تكون على شبكة “إي إي” أو “فودافون” أو “أو تو”، هذا ببساطة لا يهم. عالم لا تستطيع الاتصال فيه إلا بمن يستخدم شبكة الهاتف التي تستخدمها نفسها سيكون شاقا للغاية. من المحتمل جدا أن يكون عالما تهيمن فيه أكبر شبكة أو شبكتين، ويشعر فيه كثير من الناس أنهم ملزمون بحمل هاتفين. ما يبدو مألوفا ربما، لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين يتنقلون بين فيسبوك، تويتر، إنستجرام، تك توك، ولينكد إن.
الفرق هنا هو أن شبكات الهاتف قابلة للتشغيل البيني بطريقة لا يعمل بها تويتر ببساطة. لا يقتصر الأمر على شبكات الهاتف فحسب، حتى آبل وجوجل تصنعان برامج من شأنها قراءة ملفات مايكروسوفت ويرد وكتابتها، لا تحتاج إلى حساب آوتلوك لإرسال بريد إلكتروني إلى أصدقائك في آوتلوك وحساب “جي ميل” منفصل لأصدقائك في “جي ميل”، يمكنني إرسال تحويل مصرفي لك حتى لو كان البنك الذي تتعامل معه مختلفا عني.
في بعض الحالات (كما هو مع البريد الإلكتروني) تكون قابلية التشغيل البيني هذه حسب التصميم. في حالات أخرى (كما هو الحال مع البنوك والهواتف المحمولة) تم تعزيزها بالقواعد التنظيمية.
وكما توضح ريبيكا جيبلين وكوري دكتورو في كتابهما الجديد “رأسمالية نقطة الاختناق”، لا يوجد سبب تكنولوجي يمنع مثل قابلية الانتقال هذه من أن تمتد إلى أمثال تويتر وفيسبوك. مقال قصير كتبه دكتورو لمؤسسة “إلكترونيك فرونتير” يقدم موجزا لما قد يبدو عليه الأمر.
أولا، تسجل على منصة بديلة – ربما خادم “ماستودون”. تكتب كلمة مرور تويتر. يتحقق تويتر من أنك سعيد بالسماح بالاتصال وليست محاولة اختراق. ثم يرسل إشعارا إلى أصدقائك يفيد أنك انتقلت إلى “ماستودون”، ويسألهم عما إذا كانوا سيسعدون بإعادة توجيه تغريداتهم إليك أم لا. (إذا انتقلت إلى منصة “تروث سوشال” أو”بارلر” اليمينيتين المجنونتين بدلا من ذلك، فقد يرفضون).
لماذا انتقلت إلى خدمة جديدة؟ لعدد من الأسباب. ربما تكون علامة التوثيق “الصح الأزرق” مجانية هناك، أو أن الإعلانات لا تعتمد على المراقبة المخيفة، أو تتمتع بتحكم أكثر في أنواع المحتوى الذي تراه. ربما الإشراف على المحتوى أكثر صرامة. أو ربما الإشراف على المحتوى غائب، وهذا ما تفضله.
النقطة المهمة هي أنه إذا كانت فيسبوك وتويتر قابلتين للتشغيل البيني مع المنافسين، فسيصبح نقل شبكة تواصلك الرقمية واصطحابها معك سهلا. إذا كان أصدقاؤك يفضلون الشبكات الاجتماعية القديمة، فيمكنهم البقاء هناك بسعادة في حين لا يزال بإمكانهم الوصول إليك. ومن الواضح أن الإجراء بأكمله سيشجع المنافسين الجدد على دخول السوق، مع دفع اللاعبين المعروفين إلى رفع مستواهم.
غالبا ما تعمل قابلية التشغيل البيني على أفضل وجه مع بعض الصرامة التنظيمية التي تقف وراءها، ويتمثل أحد الأساليب (وليس الوحيد) في وضع تشريعات لإنشاء دفاع واسع للمشغلين البينيين. إذا كنت مستخدما على تويتر وأرغب في الاشتراك في خدمة تشغيل بيني جديدة تستخدم كلمة مروري لإرسال مشاركاتي من “ماستودون” إلى تويتر، وتسحب التغريدات من تويتر إلى “ماستودون” لمشاهدتها، فلا يسمح لتويتر بحظري أو مقاضاة خدمة التشغيل البينية بسبب ذلك.
إن عالما من وسائل التواصل الاجتماعي المشتركة بينيا سيصبح مثيرا للأعصاب عند بعضهم. ربما ينشط المنصات اليمينية المتعثرة مثل “بارلر” و”تروث سوشال”. من المؤكد أنه سيصعب على شركات وسائل التواصل الاجتماعي العمل محكمين لنوع الخطاب غير المقبول. لكن لم تكن فكرة سديدة قط منح شركات وسائل التواصل الاجتماعي سلطة احتكارية لما يمكن قوله وما لا يمكن قوله. وكانت الفكرة الأسوأ منها السماح لهم بوضع عقبات في طريق المستخدمين الذين يرغبون في اصطحاب أصدقائهم معهم عند مغادرتهم.