اسرار المجتمعسلايدشريط الأخبار

عنوسة خطيرة تتمدد بصمت !الحرب والغلاء فاقما تأخر الزواج صبايا تنازلن عن طلبات الذهب ..وأخريات استعرنا ذهب قريباتهن! غرام الذهب قرابة ربع مليون ليرة .. وموضة ” ذهب ” الاكسسوار البديل !

العميد برس:
هل أصبح الزواج في أيامنا مشكلة تعجز عن حلها المعادلات الحسابية …؟ لتشكل في النهاية ظاهرة أو كابوسا يهدد الآلاف من الفتيات والشبان، فيما يسمى “العنوسة”.
ففي اللغة العربية الفصحى، يقول العرب “عنست المرأة”، تعنس بالضم، عنوسا وعناسا أي حبسها أهلها عن الزواج.
ولكن هذه الظاهرة لا تقتصر على الفتيات فحسب، وإنما على الرجال أيضا، وجاء في لسان العرب “العانس من الرجال والنساء، والذي يبقى زمانا بعد أن يدرك لا يتزوج”، ووفق التطور الزمني للمجتمع يختلف مفهوم العنوسة في المجتمع القروي عن المجتمع المدني، والعنوسة بالمجتمعات أمر نسبي تبعا لتطور الأعراف ومستجدات الحياة، وعبر الزمان، وفي المجتمعات الحالية نرى أن سن الزواج أخذ بالارتفاع… فالنهج المعاشي نتيجة انتشار البطالة وارتفاع تكاليف الحياة، وصعوبة الحصول على مسكن، وتأثيث مستلزماته كافة وغلاء المهور .. وهناك عنوسة قسرية، ولكلا الجنسين، والتي تكون ناتجة عن ظروف الحياة.وهناك الاسباب المادية وهي تتعدد وتتداخل مع بعضها، منها ضعف الدخل العام للشباب، غلاء المعيشة، وارتفاع المهور.. ارتفاع تكاليف الحياة وتجهيزات الأفراح. الإكثار من متطلبات الزفاف على الشباب…وغيرها .
ولسان حال صبايا اليوم لم يأت عريس الغفلة أو الأحلام يعد ، حلم يرواد جل الصبايا في مجتمعنا وغيرها من المجتمعات ، يبدو أنه لن يأت ، الظروف والاحداث والحرب وما افرزته من هجرة حدت كثيرا ، واليوم جاء الغلاء الفاحش وتغير المعادلات الاجتماعية ككل .. فصار الزواج من المنسيات أو الأفعال الضخمة المؤجلة إلى حين ..!
قبل سنوات كان حراك وأنشطة الأعراس والزيجات بالجملة ؛ اليوم كدنا ننسى طقوس ماعهدنا عليه سابقا ؛ الظروف والغلاء وفقر الحال قلب كل شيء ؛ وأجل تحقيق أحلام الصبايا ؛ وربما سيلغيها تماما ؛ فالدراسات والتقارير الرسمية تقر بخجل أن نسبة العنوسة زادت إلى مستوى كبير … وهذا من طبيعة وصيرورة ماحدث ..
وأيضا جاء الغلاء ليقضي على كل مسعى في طريق اتمام زواج العمر ؛ غلاء المستلزمات وصعوبات لا تعدى ولا أحد يستطع تأمينيها ؛ من شراء او استأجر بيت ، الى شراء اواعي واغراض ؛ الى الطامة الكبرى شراء الذهب الاصفر عربون المحبة والاقدام على اتمام الزواج.. فغرام الذهب قرابة ربع مليون ليرة ؛ وقس على ذلك ..!
خاتم سوليتير بالذهب الأصفر مصنوع يدويًا تمامًا…. من يقدر يستطيع السؤال فقط ..! فلا شكّ في أن خاتم الزواج الماسي هذا سيغري النساء اللاتي يبحثن عن الخاتم الفريد الذي يجسد العاطفة الخالصة.
ولكن
“الله يعينه” دعاء للعريس عند إقباله على الزواج تتقاسمه كثير من المجتمعات العربية. دعابة لا تخلو من حقيقة … خاصة وأن مجتمعاتنا تُحمّل العريس تقليدياً أغلب المصاريف الخاصة بالزواج إن لم يكن كلها لـ”يغنم ” بالعروس.
يعد التصيغ بالذهب واحداً من أهم العادات والتقاليد التي لا بد من توفرها لإتمام عملية الزواج ، فهو العمود الفقري لجهاز العروس ، التي تتزين به ليلة زفافها وتتباهى بلبسه كلما طرق بابها أحد ليبارك ويقدم التهاني.
لكن مع ارتفاع أسعار الذهب ارتفاعاً ملحوظا في الأسواق العالمية والمحلية ، بات ينذر بضرورة التقليص من شراء تلك المصوغات والاكتفاء بالأشياء الضرورية فقط ، ، حيث تعدى سعر الغرام الواحد اليوم ٢٤٣ ألف ليرة سورية ، حسب نوعه وعياره أيضاً ، فهل ارتفاع سعر الذهب يهدد آمال الشباب بالزواج؟!

العزوف عن الزواج

يقول نزار محمود ، موظف أنه بات متخوفاً من كابوس عدم الوفاء بمستلزمات العرس التي تتطلبها التقاليد المعروفة وعلى رأسها الذهب ، قائلاً : في ظل الغلاء المعيشي الذي نشهده هذه الايام ، أخشى ألا أستطيع إتمام مراسم زواجي المنتظر خلال الشهر القادم ، وأن يقتصر ارتباطي بشريكة حياتي فقط على الخطوبة ، ويتبدد حينها الحلم السعيد بالاستقرار وتكوين الأسرة. ويتابع ، لذلك لا بد من حل جذري فإما أن أتخلى عن الخطوبة والزواج نهائياً ، أو أن أتفاهم مع خطيبتي وأهلها على إجراء الحفل بأقل الإمكانيات ، خاصة في مجال شراء المصوغات الذهبية التي ستأكل أكثر من ثلثي المهر في ظل استمرار ارتفاع أسعاره .

واشار إلى أنه في حال عدم التوافق ، ومغالاة أهل خطيبته بالمتطلبات التقليدية لإتمام مراسم الزواج ، فإنه سيضطر للعزوف عن حلمه في الزواج وتكوين أسرة يستظل بظلها كلما ضاقت به هموم الدنيا .

حلم صعب

أما علاء سعيد ، فقال أنه منذ الإعلان في الأسواق العالمية عن الارتفاع الملحوظ لأسعار الذهب بات محاصراً بالهموم والآلام ، يراوده هاجس عدم قدرته على إتمام مراسم عرسه ، و يقول أنه موظف بسيط في أحد المؤسسات الحكومية ، وأنه مرتبط بجمعيات كثيرة لتجميع مهر عروسه .

ويوضح سعيد ، أنه كان من المفروض إرسال جزء من المهر للعروس قبل شهر ، لكي تشتري الذهب الذي لا يستقيم عرساً إلا به وفقاً للعادات المعروفة ، وقال والآن في ظل استمرار الغلاء المعيشي وارتفاع أسعار الذهب ، لا أستطيع إيفائها ببقية المهر ، وهذا الأمر يؤرقني كثيراً ، ولا أستطيع التفكير بإمكانية تأجيل العرس ، فقد تم تأجيله العام الماضي ، بفعل ظروفي المادية ، وأخشى أن يتحول الزواج إلى حلم يصعب تحقيقه ، إن لم يكن هناك حل.

الخروج من المأزق

من ناحيته يقول سمير الخطيب وهو شاب مقدم على الزواج ، أنه للخروج من المأزق اتفق مع أهل عروسه ، على مبلغ معين من المال لشراء الذهب بغض النظر عن الكمية ، وذلك تحسباً لارتفاعات أخرى في أسعار الذهب ، مضيفاً أنه أثناء عقد القران أضاف في عقد الزواج بند ينص على إلزامه بشراء كمية إضافية من الذهب إذا انخفض سعره أو تحسنت أوضاعه الاقتصادية ، وذلك إيفاءً بحقوق زوجته عليه في المهر والتجهيز.

استعارة الذهب

تقول سعاد نبهان ، التي التقيناها في إحدى المحلات التجارية لاستكمال جهاز عرسها ، أنها في ظل ارتفاع أسعار الذهب بالشكل المخيف ، وأيضاً تضاؤل قيمة مهرها لن تستطيع شراء الذهب في الوقت الحالي ، مشيرة أنه ليس لديها مشكلة في أن تستعير ذهب شقيقتها المتزوجة أو أمها لتتزين به يوم العرس وبعد ذلك تعيده إليها .

أقل التكاليف

وترفض نبهان ، أن تربط مصير زواجها واستقرارها مع من اختارته شريكاً لحياتها بالأوضاع المادية الصعبة التي يعانيها ، وأكدت أنه ليس لديها مانع من إقامة حفل زفافها بأقل التكاليف .

واوضحت قائلة ، إني أستطيع الاستغناء عن إقامة الحفل في أفخم صالات الأفراح ، وأكتفي بإقامته في صالة متواضعة او حتى دون حفلة.

وتتابع ، إن لم نتعاون على الحلوة والمرة فلن نستمر طويلاً ، وأنا أكره الفشل لذلك ساحاول بكل طاقتي إنجاح حفل زفافي ، رغم كل العوائق المادية التي تعترضنا .

تأجيل الزفاف

وخالفتها الرأي هبة عبدالله قائلة ، لن أتمم إجراءات الزفاف الذي من المفترض أن يكون في الشهر الحالي ، إلا إذا اكتمل المهر المتفق عليه ، بما فيه شراء الذهب ، وتؤكد أنها ستؤجل زفافها إذا استمر ارتفاع اسعار الذهب ، فهي لن تستغني عن أجمل الحلى والمجوهرات التي تحلم كل فتاة بإقتنائها في ليلة العمر.

تعاون الأهالي

لم يكن بعض الأهالي بعيدين عن معاناة أولادهم الشباب فراحوا يتعاونون من أجل إتمام الأعراس المتوقفة ، حيث أشار البعض على بناته باستعارة ذهب أمهاتهم أو أخواتهم المتزوجات للتزين به يوم العرس ، وادخار المبلغ المخصص من المهر لشراء الذهب إلى حين تعود أسعاره إلى مستواها قبل الارتفاع ، وآخرين أقنعوا بناتهن بالاكتفاء فقط بدبلتي الزواج وسلسلة عنق إن لزم الأمر ، في حين رأى فريق ثالث ضرورة تخفيض المهور لتتناسب مع إمكانيات الشباب المادية ، وأصر البعض الآخرمن الأهالي ، على شراء الذهب مهما ارتفع ثمنه ، معتقدين أنه ضمان لمستقبل بناتهم ، وهو كما قالت ام محمود ، نوع من التباهي والتفاخر بين الاهل والاصدقاء ، بالإضافة الى كونه أمانا لبناتهن من غدر الزمان ،

عادات وتقاليد

يقول ، صاحب محل للمجوهرات بدمشق جرت العادات والتقاليد أن ترتدي العروس ذهبا عند زواجها ، ونظرا لمصاعب الحياة وغلاء أسعار الذهب في الوقت الحالي ، أصبح يكتفي عدد من الناس بشراء الذهب الروسي تحت ضغط العادات والتقاليد ، والتباهي به أمام الناس ، وبعد ذلك بالتأكيد يتم التخلص منه. وأكد ان هذا النحاس المطلي بالذهب”الذهب الروسي” لا قيمة مادية له إذا فكر أحد مقتنيه ببيعه .

بيع الذهب

وبين ، أنه في ظل ارتفاع أسعار الذهب بشكل لم يكن معهوداً من قبل ، فإن الكثير من الأهالي يعمدون إلى بيع ما لديهم من مصوغات ذهبية ، واستثمار ثمنها في العقارات وشراء البيوت أحياناً ، وبالتالي قلت عدد المشتريات واكتفى العروسان بدبلتي الخطوبة ، واسوارة او سلسلة عنق بسيطة .

الذهب المقلد

وشاركه الرأي صائغ اخر قائلا ، اشتهر في الأسواق السورية منذ فترة نوع من الحلي عرف بالذهب الروسي ، وهو عبارة عن تقليد متقن للذهب الأصلي ، وهي لا تعدو كونها معادن واكسسوارات صفراء ، لا تعطي المضمون والرونق الحقيقي للذهب الأصلي ، حيث أن هذه المعادن يمكن تمييزها بسهولة عند الاقتراب منها ، ولكنها عن بعد تبدو وكأنها أصلية. واستدرك حديثه مؤكدا ، أن نسبة قليلة جدا من فئات المجتمع ، هي التي تقبل على شراء ما يسمى بالذهب الروسي ، لانخفاض ثمنه بالمقارنة مع الذهب الأصلي ، وهي فئات محدودة التفكير والدخل .

أمام مام تلك المتغيرات وأعباء المستلزمات هناك أسر تخضع لحال الواقع وتوافق على عدم شراء الذهب ؛ تجنبا من دخول البنت قفص العنوسة وخاصة بوقت ارتفعت فيه مؤشرات ارتفاع نسبة الصبايا المتأخرات عن الزواج ؛ بينما أسر ميسورة الحال تعمل على شراء بعض المستلزمات كمساعدة لابنتها رغم قلة مثل هكذا حالات ..
المتغيرات على الصعيد الاجتماعي مقلقة جدا وتحتاج لمبادرات ما والتنازل عن عادات لم تعد تناسب وقتنا الحاضر ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى