
ليس المهم ما تأكله فقط.. بل متى تأكله! عادتان بسيطتان قد تُحدثان فرقًا كبيرًا في وزنك”
كشفت دراسة بحثية حديثة أن توقيت تناول الطعام قد يكون بنفس أهمية نوعيته في ما يتعلق بالحفاظ على وزن صحي. وتوصل الباحثون إلى أن تبني عادتين غذائيتين بسيطتين — وهما تناول الفطور والعشاء في وقت مبكر، وتمديد فترة الصيام الليلي — يمكن أن يسهم بفعالية في ضبط الوزن على المدى الطويل.
🟠نتائج الدراسة وأهميتها
الدراسة التي نشرت في الدورية الدولية للتغذية السلوكية والنشاط البدني، قادها باحثون من معهد برشلونة للصحة العالمية (ISGlobal)، بدعم من مؤسسة “لا كايكسا”. وقد شملت ما يزيد عن 3000 مشارك، تم تتبعهم على مدى خمس سنوات، من خلال جمع بيانات مفصلة عن نمط حياتهم، مواعيد تناول الوجبات، والمقاييس الصحية الخاصة بهم.
🟠الصيام الليلي والتوافق مع الساعة البيولوجية
بحسب الباحثة لوسيانا بونس-موزو، فإن نتائج الدراسة تتماشى مع أبحاث أخرى حديثة تشير إلى أن تمديد فترة الصيام الليلي — بشرط أن يترافق ذلك مع تناول العشاء والفطور مبكرًا — قد يعزز من فرص الحفاظ على وزن صحي. ويُعتقد أن تناول الطعام مبكرًا يتوافق مع الإيقاع اليومي للجسم (الساعة البيولوجية)، مما يحسن من تنظيم الشهية وكفاءة حرق السعرات الحرارية.
ومع ذلك، شددت بونس-موزو على أن هناك حاجة لمزيد من الأدلة الدقيقة قبل اعتماد هذه النتائج كإرشادات غذائية رسمية.
🟠فروقات بين الجنسين في الاستجابة والأنماط الصحية
عند تحليل البيانات حسب الجنس، لاحظ الباحثون أن النساء المشاركات أظهرن مؤشر كتلة جسم أقل من الرجال، وكان لديهن ميل أكبر لاتباع النظام الغذائي المتوسطي. في المقابل، أفادت النساء أيضًا بوجود تدهور في حالتهن النفسية بشكل عام، إلى جانب مسؤوليات منزلية أكبر.
🟠تحليل سلوكي لأنماط الطعام
اعتمد الفريق البحثي على تقنية “التحليل العنقودي” لتصنيف المشاركين وفقًا لتشابه سلوكياتهم الصحية والغذائية. من أبرز ما ظهر، مجموعة فرعية من الرجال الذين بدأوا أولى وجباتهم بعد الساعة الثانية ظهرًا، مع صيام يمتد لنحو 17 ساعة يوميًا. هذه المجموعة كانت أكثر ميلًا لسلوكيات غير صحية، مثل قلة النشاط البدني، التدخين، ضعف الالتزام بالنظام الغذائي المتوسطي، وانخفاض المستوى التعليمي، فضلًا عن ارتفاع معدلات البطالة.
ومن اللافت أن هذه الأنماط السلوكية لم تُلاحظ بين النساء.
🟠فعالية محدودة للصيام المتقطع بتخطي الفطور
أوضحت كاميل لاسال، الباحثة المشاركة في الدراسة، أن ما يُعرف بالصيام المتقطع — وتحديدًا التخلي عن وجبة الفطور — لم يُظهر فاعلية واضحة في تقليل الوزن بين الرجال الذين اتبعوا هذا الأسلوب. وأضافت أن دراسات تدخلية أخرى على أفراد يعانون من السمنة أظهرت أن الصيام المتقطع لا يتفوق على تقليل السعرات الحرارية في ما يخص إنقاص الوزن على المدى الطويل.
🟠”التغذية الزمنية”: حقل علمي واعد
ترى آنا بالومار كروس، الباحثة المشاركة أيضًا، أن هذه الدراسة تندرج ضمن مجال علمي ناشئ يُعرف باسم “التغذية الزمنية”، وهو حقل يركز على العلاقة بين توقيت تناول الطعام وسلوكيات الجسم البيولوجية. وأشارت إلى أن اضطراب مواعيد الأكل يمكن أن يُخل بتوازن الساعة البيولوجية، مما ينعكس سلبًا على عمليات التمثيل الغذائي.
🟠دلالات صحية أوسع
الدراسة تُعد استكمالًا لأبحاث سابقة أجراها معهد ISGlobal، والتي ربطت بين توقيت الوجبات الصحية — مثل تناول الفطور والعشاء في وقت مبكر — وانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى تقليل احتمالية الإصابة بداء السكري من النوع الثاني.
🟠الاستنتاج:
لا يتعلق الحفاظ على الوزن فقط بما نأكله، بل ومتى نأكله. توقيت الوجبات، خصوصًا الفطور والعشاء، قد يكون عاملًا مهمًا في إدارة الوزن والوقاية من الأمراض المزمنة. ومع تزايد الأدلة، تبرز “التغذية الزمنية” كمجال بحثي واعد يُعيد تعريف علاقتنا بالطعام.