العالم ..مجاعة كارثية !
العميد برس:
على عكس كل التوقعات ، جاءت الحرب الروسية الأوكرانية وبعد أن اشتعل فتيلها ، خيبت كل الآمال وخربت الأهداف وتاهت المرامي ، في دهاليز الاستنزاف ودك أحدث أنواع الاسلحة إلى الميدان ..
واليوم وفي ظل انسداد أي أفق لحل الحرب الروسية – الأوكرانية، فإن الاستقطابات الدولية والمعطيات السياسية تشير إلى أن ما يجري هو بروفات تمهيدية لحرب عالمية قادمة قد لن ينجو منها أحد، بل إن من ينضم إلى أحد الطرفين المتحاربين يرى أن النار بدأت تأكل أقدامه، وحسب الوقائع والمشاهدات وماافرزته من متغيرات ، وبين كر وفر ، فالقراءة تقول : إن هذه حرب لا نرى فيها مهزوما ولا منتصرا، بل حرب استنزاف طويلة الأمد، لإجهاد الغرب من جهة، واستنزاف روسيا من جهة أخرى، وإن انضمت الصين إلى الحرب فإنها ستستنزف وتفوت على نفسها فرص الرخاء الاقتصادي والتقدم الصناعي والتكنولوجي والمعلوماتي عبر انفتاحها على الأسواق العالمية.
فما يدور من أحداث وصدامات قوية يؤكد وبوضوح جلي أن الحرب التي أرادتها روسيا خاطفة لن تكون هكذا، أنها طويلة الأمد ومكلفة بكلّ المقاييس عسكريا واقتصاديا وإنسانيا، ولا أي نتائج او مزايا تذكر لهذه الحرب، بل أحكمت الخناق على العالم كلّه، غنيّه وفقيره، وهددت أمنه وغذاءه جراء العقوبات والعقوبات المضادة، حتى تحوّل العالم إلى برميل بارود لا نعرف متى ينفجر.
حرب يبدو انها ستستمر ، رأسماليات ومصالح اقتصادية للتسيد وفرض القوة والرأي ، بوقت كل قطب يبحث عن تكتلات مواليه له ؛ على حساب القطب الآخر، من دون أحد يكترث ماذا حل بشعوب الأرض وخسائر العالم ، خسائر باهظة لا تقدر بثمن ..!
فهذه الحرب ليست حرباً عقائدية بين معسكرين، بل حرباً بين رأسماليات ومصالح اقتصادية على سيادة العالم وقيادته، والجميع يبحث عن أقطاب موالية له، وخسائر العالم جسيمة لا تقدر بثمن، تضخم وبطالة وشح الغذاء وارتفاع الأسعار وانهيار المشروعات الاقتصادية وتهديد العالم بمجاعة كارثية لم تمرّ بها منذ ثمانية عقود.
مهما كان لدى شعوب الدول المتحاربة قدراً من الصبر، فالأوروبيون رغم تقديمهم التضحيات من أجل أوكرانيا، لكن عندما يفقدون امتيازاتهم المعيشية، والتي يعتبرونها من المسلمات غير القابلة ، ويعانون من شح الوقود وارتفاع التضخم، فلا يُنتظر منهم أن يكونوا مناصرين لأوكرانيا، فهاهي المظاهرات والاحتجاجات واصوات بدأت تظهر وتندد بسياسات قادة الدول الاوروبية ، وكذلك العقوبات الاقتصادية على روسيا سينتج عنها تدمير وتعطيل الكثير من القطاعات الاقتصادية، وستعلو عندها أصوات الاحتجاجات الرافضة للحرب.. ؛وستتوسع رقعة الرفض ضد اي حرب مفتوحة الاحتمالات ؛ هي حرب ستأكل كل شيء ، وعندما تفتقد أو تغيب الحلول أو المخرجات المعقولة قدر الإمكان، عندها ستعلو أصوات الشعوب، لتقول كفى ، عندها تتداخل الحسابات وريما تتغير الرهانات وتفشل كليا ..وتكون الخسائر كارثية ، ناهيك عن خسائر الأرواح .. !