“نخوة” الكفالة تسبب أحياناً شروخاً في العلاقات الاجتماعية في حال توقف المدين عن السداد
قصص مجتمعية لا تنتهي، بل تقود لخلافات بين الأهل والأصدقاء، في حال كانت دوافعها مادية، ونزاع يحدث نتيجة عدم القدرة على السداد من “المدين” أو طالب القرض، وبالتالي تورط الكفيل.
في البداية قد تكون الاحتمالات غير واردة، بل فرضيات فقط، لكن مع عدم قدرة المدين على السداد، أو تهربه أحياناً يقف الكفيل في الواجهة، بالتالي تحدث مشكلات اجتماعية، خصوصاً حينما يكون هذا الأمر بين الأقارب أو بين الأزواج وحتى الإخوة والأصدقاء وزملاء العمل.
المحامي صويص: الحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة
كل هذه الاحتمالات لم تعد فرضيات فقط، وإنما قصص يومية يتناقلها الكثيرون عن “تجربة”، بل وهناك من ينشرها من باب التوعية، وعدم “التورط” في فخ الكفالات”، إلّا إذا كان الشخص واعياً بكل التبعات.
تداخل العلاقات
تقول هدى (موظفة في مصرف) إنّ تلك المعاملات المالية، تتداخل بشكل كبير في العلاقات الاجتماعية والأسرية، لكون الشخص الراغب بالحصول على قرض مالي، يحتاج إلى كفيل في المصرف، عادةً ما يلجأ إما لأخ، أخت، أب، قريب، صديق، وزوج أو زوجة، وهذه جميعها علاقات أسرية؛ والأصل فيها أن يكون هناك توافق وثقة، ولكن قد تتحول تلك العلاقات إلى نزاعات وقطيعة بسبب “التهرب، أو عدم القدرة على سداد القرض واضطرار الكفيل للدفع”.
وهنا نسأل: كيف يمكن أن يكون الفرد واعياً مالياً وقانونياً ويحمي حقه؟
مسألة مالية
المحامي وعضو مجلس الشعب عيد الصويص بيّن لـ”تشرين” أنّه بالنسبة لمسألة المدين والكفيل، ومسألة الاقتراض وعدم إيفاء القرض مع فوائده، هي مسألة مالية بحتة، وبالتالي إذا تخلف المدين عن إيفاء مبلغ القرض، ففي هذه الحالة الكفيل مُلزم بالإيفاء بموجب عقد الكفالة، الذي وقّعه أمام المصرف المعني، وبالتالي إذا لم يقم المدين بإيفاء مبلغ القرض سيقوم المصرف بملاحقة الكفيل لتحصيل مبلغ القرض مع الغرامات والفوائد المالية .
إما بالحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة كراتبه -أجر معين- سيارة – أو عقار( في حال كان يملك عقاراً باسمه) يجوز الحجز عليها لتحصيل مبلغ القرض، وهذا التحصيل مالي، وليس هناك أيّ عقوبة جزائية جسدية على المدين أو الكفيل، هذا ولا يوجد في القانون بنود أو مداخل متخصصة في حماية الكفيل بعد التوقيع.
من جهته يبين الخبير الاقتصادي فاخر القربي أنّ القطاع المصرفي السوري، لم يشهد حالات تقلبات أسعار الفائدة، لذلك فهو يفتقر إلى الخبرة في دراسة التنبؤات، التي تنتج عن القرارات المتعلقة بتقلبات أسعار الفائدة، من حيث المخاطر المالية، والمنعكسات الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة إذا كانت على شكل تخفيض أسعار الفائدة .
في حين أنّ السياسة النقدية المعتمدة تقوم على رفع سعر الفائدة البنكية في سبيل مواجهة التضخم الزائد، حيث إنّ سياسة الإقراض المعتمدة لدى المصارف، تضع المدين أمام مسؤوليات اقتصادية تقوم على حسن الاستثمار بالكتلة النقدية، لتحقيق الدخل الذي يغطي أقساط القرض، ويضعه أمام مسؤولية اجتماعية تتطلب تحقيق المزيد في الإنتاج والتنوع فيه.
القربي: دعم المدين في تنمية حالته الاقتصادية
لكن في ظل هذا التضخم المتسارع، جعل الكتلة النقدية تنخفض بشكل خيالي، ما يجعل المدين أمام حالة يعجز فيها عن سداد الأقساط البنكية، ويجعله تحت وطأة المحاسبة القانونية من حجز لراتبه أو راتب الكفيل لهذا القرض.
وهذا يضعنا أمام مسؤولية حكومية تسهم في دعم المدين في تنمية حالته الاقتصادية، التي تنعكس اجتماعياً واقتصادياً من ناحية الإنتاج على المجتمع بأكمله.
مظاهر اجتماعية سلبية
بدورها الباحثة الاجتماعية أسمهان زهيرة بيّنت في ظل الظروف الحالية الصعبة، يلجأ العديد من الأشخاص لاقتراض أموال لإنجاز مشروع معين، أو بهدف إكمال دراسة أحد الأبناء لكن في بعض الأحيان المقترض لا يقوم بدفع ما يترتب عليه من المال؛ ما يؤدي إلى التسديد من قبل الكفيل الذي ربما يكون أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء أو الجيران؛ فيجد نفسه من دون سابق إنذار يقوم باستكمال الدفع، فيترافق ذلك بمظاهر اجتماعية سلبية، كشعوره بالغبن والاستياء والاستغلال، وتوتر في العلاقة،
زهيرة: إيجاد طريقة سليمة لاسترداد حق الكفيل
وقد تؤدي إلى القطيعة الاجتماعية، وعدم التواصل فيما بينهم وبين الشخص الوسيط في حال وجوده؛ كما يدفعه إلى عدم الإقدام على تكرار هذه التجربة مرة أخرى حتى لو كان أخاه؛ وينصح بدوره الآخرين بعدم كفالة أي شخص؛ وهذا يعني انعدام الثقة بين أفراد المجتمع.
أما البعض فقد يلجأ إلى الانتقام بطرق متعددة، وأخذ حقهم عن طريق التهديد والوعيد، ولكن هذا لا يعني أن الجميع يلجأ إلى السلوك السابق نفسه، فيقدرون ظروف المقترض ويحاولون إيجاد طريقة صحيحة سليمة لاسترداد حقه.
(تشرين)