متى تصبح المعلومة “ترند” وكيف يمكن التعامل معه؟
ماذا يعني هذا المصطلح، وكيف يتشكل، وما تأثيره في الفرد والمجتمع، وما إمكانية إخضاعه لضوابط ناظمة، محاور تطرقنا إليها من خلال التقرير التالي:
ما هو الترند وكيف تتم صناعته؟
في هذا الجانب أفادنا المتخصص في العلاقات العامة والتسويق الإلكتروني رئبال مرهج بأنه إذا اعتبرنا الترند نوعاً من الأخبار، فإن صناعته تعتمد على ما تحتاجه وسائل الإعلام من أخبار لتنشرها في إصداراتها اليومية.
وأضاف: “ومن هذه النقطة، تتم صناعة الترند بناء على تعريف الأخبار اليوم، ويمكن تعريفها بأنها أشياء تحدث الآن، وفي نفس الوقت هي أشياء لا تحدث كل يوم، لكنها تحث الجمهور على إبداء رد فعل معين عليها.”
وأشار مرهج إلى أن هناك نقاطاً إيجابية للترند تتلخص في حث الجمهور على إبداء رأيه في قضايا كانت بالنسبة له غير ذات أهمية أو ربما في ظنه أن رأيه فيها غير مهم، وهنا ينتج تفاعل بين الأشخاص ما يعزز ثقافة تقبل الاختلاف والرأي الآخر، والاستماع إلى وجهات نظر جديدة حول موضوع معين.
بدورها، نور قطريب مهندسة معلوماتية ورائدة أعمال متخصصة في مجال التسويق الرقمي اعتبرت أن “الترند” موجود منذ القدم، لكن التسمية تختلف، فـ”الترند” هو مجموعة من الأنشطة التي يشارك فيها المجتمع، أما في عالم التواصل الاجتماعي فيمكن وصفه بأنه كلمات مفتاحية أو صور أو مقاطع فيديو تنتشر، يجري تداولها بين الأشخاص وتأخذ حيزاً كبيراً من التداول على منصات مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك، إنستغرام، توتير).
وأضافت: “تشكل فئة الشباب الفئة الأكثر انجذاباً إلى الترند، وهذا أمر طبيعي جداً لكونها الأكثر استخداماً لوسائل التواصل الاجتماعي، فوفق إحصائيات لموقع الإحصاءات الدولي داتا ريبوتال متوسط الوقت الذي يقضيه الفرد مستخدماً الإنترنت للفئة العمرية بين (16و34) عاماً هو 7 ساعات و54 دقيقة للإناث و7 ساعات و19 دقيقة للذكور مقارنة ب 5 ساعات و45 دقيقة للإناث و5 ساعات و62 دقيقة للذكور للفئة العمرية بين (54و46) عاماً، وبالتالي الاستخدام الزمني الكبير يجعل هذه الفئات أكثر انجذاباً وشغفاً.
هل هناك ضوابط ممكن إعدادها بخصوص الترند؟
أشار مرهج المتخصص في العلاقات العامة والتسويق الإلكتروني إلى أنه لا ضوابط تحكم عملية النشر، وأن أي شخص يمكنه نشر محتواه دون رقيب، باستثناء الضوابط التي تحددها إدارة الفيسبوك كالانتحار.
وتابع: “إذا تكلمنا من منطلق أوسع ففي كثير من الأحيان يحدث الترند بشكل عفوي بناءً على حدث ما غير مخطط له، أما إذا كان مخططاً له من قسم التسويق أو العلاقات العامة في الشركات، فهذا يتطلب التحضير المسبق لما سيأتي من ردود أفعال قد تنعكس سلباً على المؤسسة أو الفرد المعني.”
من المستفيد من الترند سواء مؤسسات أو أفراد؟
وقال مرهج في هذا الشأن: “إنه إجمالاً يستفيد قسم العلاقات العامة في الشركات والمؤسسات من حالة الترند، وخاصة إذا كان الموضوع إيجابياً، أما في حالة الإسقاط السلبي للترند على المؤسسة فإن ذلك سيتطلب من قسم العلاقات العامة في الشركات بذل المزيد من الجهد لتحويل الحالة تلك إلى عنصر إيجابي على الأقل من الناحية الإعلانية،” مضيفاً: “إن هذا الأمر ينطبق على الأفراد الذين يحتاجون في مرحلة ما إلى مسؤول علاقة عامة يمثلهم أمام الجمهور.”
الترند كما يراه البعض…
أصالة عثمان موظفة قالت: “إن العامل الذي يدفع الناس للانجذاب إلى الترند هو رغبتهم في التحديث والابتكار والمعرفة، لكن ذلك يؤدي إلى التسرع في اتخاذ القرارات والانفصال عن الثقافة والتقاليد الأصلية.”
لانا محمد طالبة أفادت بأنها هي وصديقاتها يتمتعن بوقتهن من خلال مشاهدة الفيديوهات التي تشكل ما يسمى الترند، وهي تتابعها بشغف ولا تعرف السبب، ربما يكمن في تمضية الوقت أو معرفة ما هو جديد في عالم التكنولوجيا الذي يغزونا.
بهاء قواص موظف أفاد بأن الترند يحقق مشاهدات كثيرة، فالمتابعون أغلبهم لا يحددون اختياراتهم، فهم يتابعون لفترة محدودة وهذا هدف الترند، مضيفاً: “إنه وصل إلينا من التكنولوجيا المرئية والمسموعة، وهو يحتوي على مواد رديئة وجيدة وكل شخص يتأثر به وفقاً لطبعه، وهنا يكمن دور المتابعة من قبل الأهالي، إضافة إلى درجة وعي الفرد نفسه،” ولافتاً إلى أهمية التوعية في المدارس، وأن يتم الحث على متابعة كل ما هو مفيد.
ريما حمصي معلمة قالت: “أنا من المهتمين بمواقع التواصل الاجتماعي، من منحاها الجيد طبعاً، ولكنني كثيراً ما أشعر بتفاهة العرض المطروح أمامي على الشاشة الصغيرة، وكثيراً ما أحاول أن أنبه الطلاب إلى ضرورة التركيز على الدراسة،” مضيفة: “هذه الظواهر يجب أن تراقب كي لا ينجر وراءها أحد.”
من وجهة نظر الاختصاص الاجتماعي، ما تأثير (الترند) في فئة الشباب خاصة والمجتمع عامة؟
من الناحية النفسية والاجتماعية أوضحت مها عبيد مرشدة اجتماعية أن إقبال الشباب والناشئة على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة تحت مسمى اليوتيوبر أو من خلال صنع الترند وسيلة سهلة للظهور والشهرة وجمع المال، ولا سيما أنها تعتمد على المظهر الذي يعتبر أولوية لدى فئة الشباب.
وأضافت: “إن لهذا الأمر آثاراً نفسية واجتماعية تتجلى بتحويل فكر الشاب من الدراسة والحصول على أعلى الشهادات إلى أن يصبح صانع محتوى مشهوراً، فتتغير ميوله ويبتعد عن المحيط، ما يؤدي بالضرورة إلى تغيير بالطباع وعدم الرضا عن الواقع والذات، وخاصة أنه يقارن نفسه بمن يراهم على هذه الشاشة الصغيرة.”
وتابعت عبيد: “يجب أيضاً التوعية بضرورة معرفة مصدر أي معلومة، والتقصي عن أي معلومة جديدة من مصادر رسمية لها صفات اعتبارية، مؤكدة ضرورة عدم الانجرار وراء أي خبر يمكن أن يستغل من قبل البعض، ولا سيما المواقع التي تنشر الشائعات وتقلب الحقائق.”
وختمت بالقول: “إن هذا كله مجتمعاً سيؤدي إلى بناء جيل غير واع هدفه جمع المال والشهرة، إضافة إلى الابتعاد عن الكتب والقراءة وهذه تعد أكبر مساوئ الإنترنت، مشيرة إلى ضرورة العمل على التوعية من خلال المدارس وحتى الأهل الذين تقع عليهم مسؤولية كبيرة في مراقبة الأبناء لأن هذا الأمر ليس بالهين مطلقاً.”