“صراع الرؤى: وزير أسبق ينتقد طموحات وزير التجارة الحالية في تغيير العقد الاجتماعي لسوريا”
أعاد الدكتور عمرو سالم، وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الأسبق، توجيه انتقادات حادة للوزير الحالي، لؤي المنجد، معتبراً أن تصريحات الأخير تخطّت اختصاصه كوزير. كتب سالم معبّراً عن استغرابه الشديد من تصريحات المنجد التي أثارت الجدل، مشيراً إلى أنها تنطوي على مقترحات خارجة عن نطاق مسؤولياته الوزارية، ومتسائلة عن مدى صوابية هذه الطروحات في دولة ذات سيادة وتاريخ عريق.
أكد سالم أن التغيير الجذري وعقد اجتماعي جديد هي قرارات لا يمكن أن تتخذ على مستوى وزارة واحدة أو وزير، بل تتطلب توافقاً على مستوى القيادة العليا والشعب، وهي مسائل تمس بنية الدولة وتاريخها الاجتماعي والسياسي الذي يمتد إلى آلاف السنين. كما أبدى استهجانه لطرح الوزير المنجد لمفهوم “العقد الاجتماعي الجديد”، الذي قال سالم إنه يتشابه في مضمونه مع مطالبات مجموعات انفصالية، موضحاً أن هذا الأمر يثير مخاوف من تفكيك النسيج الوطني.
وتطرق سالم إلى مسألة “رسم تاريخ جديد لسوريا للأعوام القادمة”، معتبراً أن هذه الطموحات تتجاوز قدرة أي مسؤول، حتى لو كان عبقرياً، وأنها مسؤولية تتطلب عقوداً من العمل المؤسساتي. واعتبر سالم أن مثل هذه الشعارات الكبيرة لا يمكن إطلاقها دون دراسة معمّقة، وأنها قد توحي بقصور في إدراك حجم التحديات الفعلية التي تواجه البلاد.
وعلّق سالم أيضاً على ما اعتبره مغالطات تاريخية في حديث الوزير حول التموين والتجارة الداخلية، مذكّراً بأن النشاط التجاري في سوريا لم يتوقف يوماً حتى خلال فترات التأميم، وأن السوريين عرفوا التجارة منذ العصور الفينيقية. كما أكد أن دور الدولة في تقديم المواد المدعومة كان موجوداً عبر المؤسسات الاستهلاكية، لكن ذلك لم يلغ دور القطاع الخاص والتجار الذين وفروا السلع المتنوعة في السوق المحلي.
وأشار سالم إلى تصريحات السيد الرئيس بشار الأسد التي تحدّثت عن ضرورة تطوير سياسات الدعم وفق تطورات العصر، مؤكداً أن هذا التطوير يجب أن يكون مستداماً ويرتكز على البناء التدريجي، وليس على الهدم والتجريب غير المدروس. وفي ختام حديثه، شدد سالم على أنه ليس من دعاة الاقتصاد المقيد، بل يفضل اقتصاد السوق الذي يحافظ على حقوق المواطنين الأكثر ضعفاً، كما هو معمول به في الدول المتقدمة.
واختتم سالم حديثه قائلاً إنه لا يسعى لأي منصب حكومي، موضحاً أنه متفرغ حالياً لعمله البحثي والاستشاري، ولإدارة أرضه الزراعية التي يعتبرها صلةً تربطه بدماء شهداء عائلته، مؤكداً بقوله: “تزول الدنيا قبل أن تزول الشام”.