وزير السياحة المهندس محمد رامي مرتيني: خارطة طريق لإعادة بريق السياحة السورية وتحويل التحديات إلى إنجازات”
العميد برس_لينا شمالي
في لقاء خاص وحصري مع موقع العميد برس، تحدث وزير السياحة، المهندس محمد رامي مرتيني، عن التوجهات والرؤى التي تقود جهود الوزارة نحو إعادة إحياء قطاع السياحة في سوريا رغم التحديات الجسيمة التي فرضتها السنوات الماضية.
نمو السياحة: استراتيجيات فعّالة لدعم الحركة السياحية وتعزيز الأعداد القادمة
شهد قطاع السياحة في سوريا زيادة ملموسة بنسبة 5% في أعداد الزوار مقارنة بالعام الماضي، رغم التحديات السياسية والاقتصادية المحيطة.. وبيّن الوزير مرتيني أن وزارة السياحة تبذل جهودًا متواصلة بدعم حكومي لتقديم سلسلة من المحفزات والتسهيلات التي تستهدف الأسواق السياحية الصديقة والواعدة. وتهدف هذه الجهود إلى استعادة تدريجية للأسواق التي كانت تُصدر السياح إلى سوريا، حيث تستمر الوزارة في تعزيز الصورة السياحية للبلاد واستعادة مكانتها كمقصد رئيسي على خارطة السياحة الإقليمية والدولية. حيث تعمل الوزارة على عدة محاور رئيسية:
1• تعزيز المشاركة في الفعاليات الدولية: تسعى الوزارة إلى زيادة مشاركتها في المعارض والمؤتمرات الدولية بالتعاون مع القطاع الخاص، وتنظيم فعاليات سياحية ترويجية في الأسواق المستهدفة. فقد شاركت الوزارة مؤخرًا في معرض “Fitur” في مدريد، والمعرض الدولي “UTE” في الصين، وملتقى السفر العراقي في بغداد.
2.ثورة رقمية في قطاع السياحة.. منصة إلكترونية جديدة لتسهيل الإجراءات: بعد إطلاق المنصة الإلكترونية في 1 أيار 2024والمخصصة لمنح سمات الدخول للسياح القادمين عبر مؤسسات تنظيم الرحلات ومكاتب السياحة المرخصة ، وإنجاز البرمجيات الخاصة بالمنصة، وتوفير مخدم افتراضي خاص لدى الهيئة الوطنية لخدمات تقانة المعلومات، تواصل الوزارة العمل على تجهيز المنصة لتوفير المعلومات الإحصائية حول القدوم السياحي الخاص بمؤسسات تنظيم الرحلات السياحية للاستعانة بهذه المعلومات الإحصائية في تقييم نشاط عمل المؤسسات ونوع السياحة المرتبطة بها والمحافظات المقصودة في الجولات السياحية، والحصول على تقارير الأداء السياحيين خلال الجولة عن طريق المنصة، وضبط عمل المؤسسات في عملها لتنظيم الرحلات السياحية للقدوم السياحي الخارجي.
3• تطوير أنظمة السفر والدفع الإلكتروني: وتعمل الوزارة بالتعاون مع الجهات المعنية على تحسين أنظمة السفر والحجوزات، بالإضافة إلى تعزيز خدمات الدفع الإلكتروني للسياح وزيادة عدد كوات تصريف العملة الأجنبية في المعابر الحدودية والمناطق السياحية تحت إشراف المصرف المركزي.
وأشار مرتيني أنه رغم الظروف الجيوسياسية التي أدت إلى انخفاض القدوم السياحي في بعض دول الجوار، كان لقرار تسهيل منح سمات الدخول إلى الجمهورية العربية السورية إلكترونيًا تأثير كبير. فقد ساهمت هذه التسهيلات في تحسين سمعة سوريا كوجهة سياحية، مما انعكس إيجابيًا على زيادة أعداد الزوار. كما كان لفتح الحدود البرية نتيجة الجهود الحكومية والسياسية دور بارز في دعم هذه الزيادة في القدوم السياحي.
ارتفاع أعداد القادمين من المغتربين: جهود حكومية وتسهيلات تعزز السياحة والعودة إلى الوطن
تسجل أعداد السوريين المغتربين القادمين إلى سوريا نمواً كبيراً بنسبة 27% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، حيث عادوا إلى البلاد لزيارة الأهل والأصدقاء، خاصة خلال الموسم السياحي بغرض السياحة والاستجمام. وأكد مرتيني أن هذه الزيادة ن تعكس نجاح الجهود الحكومية في جذب السياح وتعزيز السياحة الداخلية عبر دعم مشاريعها وافتتاح عدد كبير من المنشآت السياحية، مثل الفنادق والمطاعم.
كما شهدت سوريا عودة متزايدة للسوريين المهجرين طوعًا بفعل الحرب، حيث بذلت الحكومة جهودًا كبيرة لتسهيل عودتهم، خصوصًا من دول الجوار. وأشار السيد الوزير الى ازدياد عدد الوافدين من لبنان بسبب الاعتداءات الصهيونية الأخيرة على الأراضي اللبنانية، مما دفع السوريين هناك للعودة إلى وطنهم الأم.
وترتبط هذه الزيادة في القدوم بشكل وثيق بالتسهيلات الحكومية الجديدة، مثل إتاحة سمات الدخول إلكترونيًا، وتبسيط إجراءات الحصول عليها مع إمكانية تسديد قيمتها بشكل مرن. من جانبها، أصدرت وزارة السياحة قرارات لتحديد الأسعار ورفع مستوى جودة الخدمات المقدمة في المنشآت، مما يعزز جاذبية القطاع السياحي. كما نوه الى ان مشاركة الوزارة في المعارض الدولية عمل على إعادة سوريا إلى خارطة السياحة العالمية، مما أسهم في تعزيز إدراك مؤسسات السياحة العالمية للتسهيلات التي تقدمها الحكومة السورية.
وعلى الرغم من الظروف الجيوسياسية الصعبة والاشكالات التقنية التي قد تواجه بعض الرحلات الجوية إلى سوريا، إلا أن القدوم السياحي لا يزال في تزايد، مما يعكس نجاح التوجهات الحكومية في دعم القطاع السياحي.
البنية التحتية السياحية: خطط طموحة لتطوير القطاع السياحي:
أكد مرتيني أن جميع خطط الوزارة ترتكز على تطوير البنية التحتية للسياحة، من خلال تشجيع وتطوير الاستثمار السياحي وزيادة عدد المواقع الاستثمارية السياحية وتطويرها وتنويعها ورفع جودة خدماتها. وأضاف أن الوزارة تتعاون مع الوحدات الإدارية في المناطق التي تتوزع فيها المشاريع السياحية بالمساهمة الأساسية في تطوير البنية التحتية. وذلك من خلال دعم مشاريع استثمارية سياحية تشمل مختلف المحافظات،
تأشيرات دخول إلكترونية: تسهيل الإجراءات وتحسين تجربة الزائر
بين السيد الوزير أن وزارة السياحة وفرت بالتعاون مع وزارة الداخلية والاتصالات منصة مؤسسات السياحة والسفر الخاصة باستقدام المجموعات السياحية القادمة عن طريق المؤسسات المرخصة في الجمهورية العربية السورية إمكانية الحصول على سمّة الدخول إلكترونيًا وبكفاءة وسرعة عالية.
الصناعة السياحية: محرك اقتصادي ذو تأثير مضاعف على القطاعات الأخرى
أشار الوزير مرتيني إلى أن القطاع السياحي يُعد من أهم الصناعات التي تتميز بمؤشر أثر مضاعف، مما يبرز دوره الكبير في دعم مختلف القطاعات الاقتصادية وزيادة تأثيرها. وأوضح أن ارتباط الصناعة السياحية بكافة القطاعات تقريباً يمنحها قدرة فريدة على الإسهام في تنمية الاقتصاد المحلي وتعزيز الناتج الإجمالي المحلي وواردات الخزينة العامة، إضافة إلى تسريع وتيرة النشاط الاقتصادي الوطني. فقد أدت زيادة أعداد الزوار إلى ارتفاع ملحوظ في نسبة إشغال الفنادق والمطاعم، مما يسهم بدوره في تنشيط القطاع الزراعي كمزود أساسي للخدمات والمواد الخام، إلى جانب دعم المتاجر المحلية وغيرها من الصناعات المرتبطة، ليشكل القطاع السياحي بذلك دعامة اقتصادية رئيسية.
المشاريع السياحية: محرك أساسي لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية
أوضح الوزير أن المشاريع الاستثمارية السياحية تلعب دوراً محورياً في تحسين وتوسيع البنية التحتية السياحية، مما يعزز الحركة السياحية ويواكب نموها الداخلي والخارجي. وبيّن أن لهذه المشاريع أهمية اقتصادية واسعة النطاق، حيث تسهم في رفع الدخل الفردي والقومي، وتطوير البنية التحتية، وخلق فرص العمل، وتحقيق انتعاش اقتصادي واجتماعي شامل. وتتمثل أبرز مساهمات القطاع السياحي في:
1. تحقيق فرص عمل أثناء التنفيذ والتشغيل.
2. زيادة عدد الغرف الفندقية وبالتالي زيادة الطاقة الاستيعابية.
3. تنشيط الحركة السياحية في منطقة المشروع ولا سيما التي يتم اشادتها ضمن المناطق النامية والريف على سبيل المثال (الحسكة).
4. الترويج للمناطق السياحية التي تقام فيها المشاريع
5. رفد الخزينة العامة بالعملة الأجنبية من خلال السياح غير السوريين.
6. زيادة إيرادات الخزينة العامة من خلال الرسوم والضرائب المترتبة على هذه المنشآت.
7. تشجيع المنتج المحلي من خلال منشآت /النجمتين وثلاث نجوم/.
8. قيام الوزارة بطرح المشاريع الخاصة والمتعثرة (متوقفة لأسباب تمويلية….) ضمن ملتقيات سوق الاستثمار.
التحديات التي تواجه الصناعة السياحية: كلفة الطاقة وتسرب الكفاءات
ولم يغفل الوزير الحديث عن التحديات التي تواجه القطاع السياحي، حيث أشار ان الصناعة السياحية تواجه تحديات عديدة أهمها الكلف المرتفعة لحوامل الطاقة وصعوبة تأمينها في الكثير من الأحيان، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع كلفة المنتج السياحي عموماً، إضافة الى التسرب في الكفاءات المهنية المدربة. مع العلم أن الثانويات المهنية السياحية الفندقية والمعاهد ومراكز التدريب السياحية والفندقية العامة والخاصة تخرج عدداً كبيراً من الكفاءات المدربة والمؤهلة، والتي يفترض من الناحية النظرية أن تلبي احتياجات السوق المهنية. إلا أن هذه الكفاءات تلاقي عروضاً مغرية في الدول العربية والأجنبية لينتج عن ذلك تسرباً ملحوظاً من سوق الصناعة السياحية.
برامج ترويجية لدعم السياحة الداخلية والتعاون الدولي لجذب السياحة الخارجية
ولفت مرتيني أن الوزارة تبذل جهوداً كبيرة لدعم السياحة الداخلية عبر تشجيع السياحة الشعبية وإتاحة مواقع استثمارية جديدة تتناسب مع مختلف الشرائح الاجتماعية. وفي الوقت نفسه، تسعى الوزارة لتعزيز مكانة سوريا عالميًا من خلال المشاركة في المنتديات والمؤتمرات السياحية الخارجية وعقد منتديات ومؤتمرات محلية بهدف جذب الحركة السياحية وزيادتها وجذب المستثمرين المحليين والخارجيين ولاسيما في الدول الصديقة للمساهمة في عملية الاستثمار السياحي المحلي.
ختاماً: سوريا نحو استعادة دورها الريادي في السياحة الإقليمية والعالمية
في ختام اللقاء، عبّر الوزير عن تفاؤله بمستقبل السياحة السورية، مؤكداً أن الوزارة لن تتوقف عن تقديم المبادرات والحلول المبتكرة لتجاوز الصعوبات، وإعادة وضع سوريا على خريطة السياحة العالمية. وقال: “إن بلادنا تمتلك تراثاً حضارياً وثقافياً فريداً من نوعه، ويستحق أن يكون محط اهتمام الزوار من جميع أنحاء العالم. سنواصل العمل على إعادة بناء صورة سوريا المشرقة والمضي قدماً نحو مستقبل سياحي واعد”.