بريشة العميد برسسلايدشريط الأخبار

“الإعلام .. مسؤولية بناء في زمن الفوضى”

العميد برس

رئيس التحرير _ لينا شمالي

في الفضاء الافتراضي المتسارع التطور، والذي فرض على المؤسسات الاعلامية اثبات حضورها فيه لتكون مع الجمهور.
يبرز تباين حاد بين الصحافة التي تلتزم بالمهنية والمصداقية، وتلك التي تتبنى الإثارة والتضليل كوسيلة لتحقيق غاياتها. السؤال الذي يطرح نفسه: هل اصبحت أولوية المؤسسات تحقيق المكاسب المادية عبر جذب القراء والمشاهدين؟ أم أن الهدف زعزعة الثقة وتدمير القيم وهدم الأعراف وتأجيج الفتن؟ قد يكمن وراء هذا التشويه مصالح ومكاسب، تستفيد منها جهات معينة على حساب الحقيقة والمصلحة العامة.
تتزايد منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية، التي يديرها إعلاميون وغير إعلاميين، والتي باتت تشغل حيزاً لا يستهان به في تشكيل وعي الناس. إلا أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الإعلاميين المهنيين، الذين يُفترض أنهم مؤتمنون على نقل الحقيقة بموضوعية. فإلى متى سيستمر هذا التشرذم الإعلامي، وإلى متى سيظل الإعلام في هذه الفوضى منحرفاً عن رسالته السامية في خدمة المجتمع؟ وناسيأ لمقامه كسلطة رابعة لها مالها وعليها ما عليها.

في ظل الحكومة الجديدة: الأمل والضبابية
مع بدء عهد الحكومة الجديدة، يعترينا الأمل في أن تسهم بتحسين الواقع وفق إمكانياتها المتاحة. ندرك أن الحكومة لا تملك “عصا سحرية” ولا نطلب معجزات، لكننا ننتظر رؤية واضحة وإرادة حقيقية لمواجهة التحديات. غير أن استمرار بعض الإعلاميين أصحاب الوجوه الصفراء في نشر الأخبار المسيئة والمغرضة بحجة أنهم يعبرون عن “نبض الشارع” يثير القلق. فهؤلاء لا يكتفون بتقويض جهود الحكومة، بل يسهمون في توسيع فجوة الثقة بين المواطنين والدولة. مما يخلق مزاج شعبي غير مقدر لأي جهد حكومي ..
خلال الفترة الماضية، شهدنا هجمات متكررة على جهود الحكومات السابقة، حيث تم التشكيك في جدوى مشروعاتها والترويج لفشلها حتى قبل أن تظهر النتائج. واعتمد هؤلاء الإعلاميون على تحريف الوقائع أو اقتباس تصريحات المسؤولين خارج سياقها بهدف خلق صورة سلبية.
وكما هو الحال في كثير من الأحيان، تم فتح الباب أمام غير المختصين ليتلاعبوا بالرأي العام بتعليقاتهم السطحية والمغرضة على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، دون أدنى مراقبة أو مسؤولية، مما يخدم مصالحهم الشخصية على حساب المصلحة العامة.
الإعلام بين البناء والتشويه
لا نريد إعلاماً يصطف ليطبل لكل خطوة تخطوها الحكومة، لكننا في الوقت نفسه لا نريد إعلاماً يشوه الحقائق ويثبط العزائم. نحن بحاجة إلى إعلام يُساهم في بناء رأي عام واعٍ ومستنير، وليس إعلاماً يغرق المجتمع في ضباب التشويه والمغالطات. فمن المحبط أن نرى خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي تعملق “الفقاعات الإعلامية” مما يجعل المستخدمين محاصرين بالمحتوى الذي يتفق مع آرائهم المسبقة، ليصبح من الصعب تجاوز هذه المعتقدات الخاطئة.
لقد مللنا الفصام والخصام بين الإعلام والمسؤول والمواطن. سئمنا من إعلاميين مدفوعين بمصالحهم الشخصية، بعضهم يعمل على نشر الحقد والتشويه، وآخرون يكتفون بالتطبيل والتزمير. نحن بحاجة إلى إعلام موضوعي ومتابع، ينشر الحقائق بمسؤولية، ينتقد الأخطاء عندما تحدث، ويدعم الإنجازات بالحقائق والأدلة، لا بالمبالغات الفارغة.
في النهاية، ولأن الإعلام أداة حيوية في المجتمع، نطمح لإعلام مسؤول يكون جزءًا من الحل، لا جزءًا من المشكلة. إعلامًا يُحفّز على التفكير الايجابي، ويوازن بين النقد الموضوعي والتفاؤل المدروس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى